سورية والعلاقات الدولية

استطاعت القيادة السورية، بقيادة الرئيس بشار الأسد، أن تضع لبنة في مدماك العلاقات الدولية والإقليمية، مكنتها بحنكة وذكاء وثبات، تجاوز الضغوط والتهديدات وسياسة العزل الفاشلة، وانتزاع اعتراف دولي وإقليمي بأهمية موقع سورية السياسي والجغرافي قي المنطقة يصعب القفز عنه، والأهم من ذلك استطاعت دمشق أن تستبدل الحيز السلبي لمفهوم السلام في العقل العربي، عبر فضح كل المزاعم الذي يتضمنها الخطاب الإسرائيلي عن السلام المشبع بالعدوان، وما يعكسه الحديث المتداول للمفهوم المشوه عن السلام بغموض وضبابية وخلافا لكل المفاهيم السائدة في المجتمع الدولي، استطاعت الممانعة السورية أن تفضح وتعري استثنائية السلام الإسرائيلي للمنطقة الذي يستجيب لطموحاته ككيان معاد في فرض سلام من نوع خاص على المنطقة، مع التأكيد السوري على أهمية الدور التركي في رعاية أي مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، ومن هنا يمكن فهم الرفض الإسرائيلي للدور التركي.
ويمكن أيضاً فهم الحديث التركي، عن عدم عودة المفاوضات في هذه المرحلة، لإيمان الجانبين السوري والتركي بعدم وجود حكومة في إسرائيل تسعى للاعتراف بالحقوق العربية والانسحاب الكامل من هضبة الجولان السورية، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران 1967، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو وتوليفته العنصرية برد أكثر عنصرية وعدوانية من خلال قوانين الاستفتاء واستمرار العدوان والتهويد في القدس واستمرار الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة وهو ما ربطه اردوغان بفك الحصار عنها بتطور العلاقات مع إسرائيل.
إذاً يؤدي الدور الإقليمي الذي تلعبه سورية وحليفتها الإستراتيجية تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية، في حفظ التوازن والمصالح الإستراتيجية للبلدين والشعبين مع وجود تقارب ثقافي وحضاري، يعزز الثقل الذي تتمتع به الدولتان كبوابتين متجاورتين نحو أوروبا والعالم العربي، مع وجود جملة من الاتفاقيات الاقتصادية على جدول مجلس التعاون الإستراتيجي التركي السوري يشكل ولادة المرحلة الأهم بعد إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين.
والثقل الذي تمثله الدولتان في المنطقة مع دعم استقرار العراق، ودعم إيران ورفض التهديدات لها ودعم وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وهذه تعد من أهم العوامل في رسم السياسة الإقليمية للدول الوطنية.